برامج الأطفال الإذاعية

اليوم هو السابع من شهر تموز سنة 2017.. وقبل 44 عاما تماما..أي بتاريخ 7-7-1973 بثت إذاعة بغداد الحلقة الأولى من برنامج (( عالم الأطفال)) الذي اشترك بكتابته عدد كبير من الكتاب المتخصصين في ثقافة الطفل، وكان أكثر هؤلاء الكتّاب هم من منتسبي دائرة ثقافة الأطفال وعدد من الإذاعيين الروّاد..وكانت هذه الحلقة من إخراج معلّمي وأستاذي طالب السعد (( أبو فتحي)) واشترك في تقديم هذه الحلقة عدد من أطفال الأمس..وهم: (( الشقيقات الثلاث حنان وسحر وإخلاص عبدالرحمن و سعدية وفؤاد عبدالوهاب وضرغام فاضل ، وماجد وحيدر عبدالحق ومؤيد يوسف))، وكان البرنامج أحد برامج قسم برامج الخدمات التي كان يديرها الأستاذ صفاء القبلي، تحت إدارة مدير الإذاعة الأستاذ أرشد توفيق ، الذي كان له جزء من الفضل في رعاية برامج الأطفالـ ، التي كانت في السابق تقدم على شكل فقرات ضمن برنامج الأسرة اليومي، تعاقب على إخراجها الأستاذان روميو يوسف وطالب السعد..
ظل ( عالم الأطفال) تحت خيمة ( قسم الخدمات) فترة من الزمن، حتى استقل بعدها ليكون قسما مستقلا بذاته، هو قسم برامج الأطفال،يرأسه الأستاذ طالب السعد، وليقدم برامجه اليومية والأسبوعية ، والتي أذكر منها البرنامج اليومي ( عالم الأطفال) والبرنامج الجماهيري الأسبوعي ( اختبر ذكاءك) الذي كان يعدّه ويقدّمه الفنان الأستاذ محمد عطا سعيد ويشرف على مايقدّم فيه من أغنيات حيّة تغنى على المسارح وأمام الجمهور ، الأستاذ الكبير نجم القيسي، وبرنامج ( رياض الأطفال) الذي كان يعده ويقدمه معلم الأجيال ( عمو زكي) بعد أن عاد إلينا بعد اختفاء سنوات عن جمهوره الذي يحبه، وبرنامج ( حكايات ماقبل النوم) التي كانت تقدمه ليلى وجيه عبد الغني..
كان برنامج ( عالم الأطفال) يذاع في كل صباح على مدى 25 دقيقة، تبدأ في تمام الساعة الثامنة صباحا..وكانت أغنية المقدمة التي كتبها ولحنها الأستاذ المرحوم خزعل مهدي..تبدأ على الشكل التالي:

حلوة..طيبة..حلوة الصبحية..
تزهي ..دنيا..فرحة وحرية..
واحنه بلمتنا ندور..
يهدينا الحب والنور 
..
حتى صار البرنامج يقدم مرتين كل يوم .. في الثامنة والنصف صباحا ، ويعاد في الساعة الخامسة مساء.. ولتستبدل كلمات المقدمة ، وتكون:

حلوة طيبة..حلوة الحرية
تزهي دنيا فرحة وحنية
..إلى آخره

بعد فترة وجيزة من تأسيس القسم ، وبجهود جبارة ..استطاع قسم برامج الأطفال أن يكون قسما كبيرا جدا..عددا وإمكانيات ودعما ..فصار يصدر مجلة شهرية تحت اسم (( عالم الأطفال)) يدير تحريرها كل من سامي الزبيدي وفاروق سلوم..وصار للقسم فرقة إنشاد خاصة، تقدم الأغنيات العراقية الخاصة بالأطفال، بعد أن كانت برامج الأطفال العراقية تعتمد في أغنياتها على ماتقدمه إذاعة القاهرة من أغنيات لمحمد فوزي مثلا ..وآخرين..وتولى الأستاذان نجم عبدالله القيسي أعطاه الله الصحة والعافية وحسين قدوري رحمه الله..تولا مهمة اختيار كوادر هذه الفرقة..فانضم إليها مايقرب من ستين طفلا وطفلة.من أبرزهم (( إلهام أحمد ، بلقيس فالح، علاء سعد، هيثم يوسف، مهند محسن، فريدة محمد علي، حنان عبدالرزاق، لمياء عدنان، فضيلة حميد، وليد الشطري، الشقيقتان بتول وتضامن علي، ربيع كنعان وصفي، بيداء عبد الرحمن، إحسان علي، باسم جاسم، قحطان عون الدين، سوسن وسهير طارق، وفاء سالم ، منى إبراهيم ..وعشرات آخرون)) ، جميعهم كانوا يتمتعون بمقدرة غنائية عالية، دعمتها جهود الفنانين قدوري والقيسي، بالإضافة إلى الدروس المستمرة التي كانوا يتلقّونها باستمرار في معهد التدريب الإذاعي والتلفزيوني على أيادي متخصّصين ، أبرزهم كان المرحومان سعيد شابو وروحي الخماش..كما انضم إلى القسم بعد سماع الإعلان ومشاهدته من على شاشة التلفزيون ، والذي يدعو فيه كل طفل يجد في نفسه الكفاءة للتقديم إلى برامج الأطفال الإذاعية، انضم إلينا وبشكل غير متتابع ..وعلى ماتسعفني به ذاكرتي كل من: ( ناظم فالح، سعد محمد عباس ،علاء محسن، طالب سعد،كريم هياز، كريم محسن،تغريد محمود، نهلة سامي النصراوي، ماهر يوسف، حسن علي الدبو، سؤدد جورج، مهدي ونبيل صالح، الشقيقان باسم وقاسم- رحمه الله ، اكتفاء علي، نهى جميل طارش، سناء محمد، عاتكة محسن، فارس كريم،رياض محسن المحمداوي، فرات سلام، ماهر شاكر ، ملاذ عبد الخالق ثروت…وعشرات آخرون…)) وصار القسم أيضا يقدم بشكل سنوي مسرحياته على مسارح بغداد آنذاك..أمثال المسرح القومي..وقاعة الخلد..ويحضرها آلاف المشاهدين مجانا دون مقابل..وتصوّر تلفزيونيا..فقدم القسم مسرحيات :(( الدجاجة الشاطرة)) ، (( صباح الخير أيتها السعادة)) و(( الوردة والفراشة)) وجميع هذه المسرحيات من تأليف وإخراج الراحل (( عزي الوهاب)) كما قدم مسرحيتي (( صباح الخير أيتها السعادة))و (( الأسد والأرنب )) من إخراج فقد الفنان المصري محمد عبدالعزيز..
استكتب القسم في بداية تأسيسه عددا كبيرا من كتّاب الطفل والمتخصصين في أدب الأطفال، وعلى رأسهم: فاروق سلوم، سامي الزبيدي، خالد يوسف، سعيد جبار فرحان، عبد الإله رؤوف، فاروق يوسف، جعفر صادق محمد، عبدالجبار ناصر، عبدالخالق ثروت،عزي الوهاب، صلاح محمد علي، شفيق مهدي، معد فياض …وعددا آخر من الأسماء اللامعة، وسرعان ماالتحق بهم أغلب كتاب ومحرري دائرة ثقافة الأطفال ،التي كانت تصدر مطبوعات موجهة خصيصا للطفال العراقي..كمجلتي والمزمار وتموز والملحقات الأسبوعية والقصص المصورة إلى آخره.. ومن هذه الأسماء : جليل خزعل، عبد الزهرة الكعبي ، محمد جبار حسن، حسن عبد الحميد ، فاضل عباس الكعبي، وآخرون.. 
وكان هناك شخص يلازم مكانه بشكل يومي على كرسيه في الأستوديو ، يقف إلينا بالمرصاد أمام كل خطأ لغوي، ليقوم بتصحيحه ، ولتظهر لغتنا إلى المستمع لغة فصيحة سليمة..إنه الأستاذ اللغوي الكبير ( جميل الخاصكي) ..وبعد أن فارقنا الخاصكي وخسرناه معلما ولغويا بارعا، جاءنا الأستاذ اللغوي الكبير ( حسن القريشي) كان أبو العلا خفيف الدم، كان لايكتفي بالتصحيح، بل كان يشرح لنا دروسا بسيطة في اللغة، أفادتنا صغارا، وبقيت عالقة في أذهاننا ونحن كبار.
وعاشت برامج الأطفال عصرها الذهبي سنوات السبعينيات وبداية الثمانينات..وكان قسم برامج الأطفال بحق، مدرسة يتخرج فيها المبدعون ..ليلتحقوا بعدها ببقية أقسام الإذاعة..فكان ( ضرغام فاضل) هو أول طفل أصبح مخرجا معتمدا في إذاعة بغداد..و( سعد محمد عباس) هو أول طفل أصبح كاتبا ومعدا يكتب البرامج الإذاعية، ولينضم إلى محرري دائرة ثقافة الأطفال، و( طالب سعد ) و ( علاء محسن) أول طفلين يصبحان مقدمي برامج كبار ، التحقا بقسم البرامج الريفية..و(فؤاد عبد الوهاب) أول طفل أصبح ( منسقا ) لبرامج الإذاعة ولينضم إلى قسم التنسيق الإذاعي.
تحية لمئات الزملاء الذين تخرجوا في هذه المدرسة الكبيرة..وأقف إجلالا واحتراما وتقديرا لكل من علّمني ، ولو شيئا بسيطا،ابتداءا من طالب السعد..ومرورا بروميو يوسف، وخولة الأطرقجي، ومنى البصري، ومحمد عطا سعيد..وتحية خاصة إلى الأستاذ جواد العلي الذي بذل جهودا استثنائية في دعم هذا القسم، وأعطاني دافعا قويا لبذل المزيد..وخصوصا بعد أن صرت مخرج البرنامج على مدى سنوات، وحتى توليي رئاسته لسنوات أخرى..تحية إلى الراحل مهند الأنصاري، الذي حاول جاهدا ، أن يعيد بعض أمجاد هذا القسم، بعد أن شتّته سنوات الحرب.
تحية إلى كل من نسيت أن أذكره، فقد أتعبت السنون ذاكرتي، وزادتني الغربة هما ، وبعدا عن الأحبة، الذين تعودت أن أحيا عمري بينهم..
ولايفوتني أن أشكر أخي وصديقي الحبيب سعد محمد عباس ، الذي ساعدني في استذكار أسماء وأحداث ، كانت قد سقطت سهوا من ذاكرتي..قبلاتي لك أبا جعفر..
وكل عام وإذاعة بغداد الحبيبة بألف خير..فهي المعطاء كانت..وأرجو أن تكون كذلك أيضا..في تقديم كل ماهو جيد..قلبا وقالبا..
كل عام وأنتم جميعا بألف خير..
أخوكم جميعا
وابن الإذاعة : ضرغام فاضل